السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
محاكمة من نوع آخر
تأليف الدكتور طالب عمران
(1)
في عام (1985) وصل حازم إلى مرتبة متقدمة في القضاء، كان رجلاً في نحو الخامسة والأربعين من عمره، علاقاته الاجتماعية غنية بالصداقات حتى مع علية القوم من أصحاب النفوذ والتجار والأثرياء، وكان ذلك يفرض عليه أحياناً أن يتخلى عن قناعاته القانونية الإنسانية في سبيل إرضاء أحد الأصدقاء أو أحد المعارف المتنفذين. وفي شهر حزيران من ذلك العام عين في منصب هام في القضاء العالي..
قالت له زوجته بعد سماعها الخبر.
إنه خبر عظيم يا حازم، هذا يعني أننا سنقضي العطلة القضائية في أوربا.
بالطبع سأفعل ما ترغبين به يا عزيزتي.. بودي أيضاً أن أرتاح لبعض الوقت.
ورن جرس الهاتف، رفع السماعة: ألو .. نعم ..
أستاذ حازم مبروك سررنا جداً بهذا الخبر
شكراً لك ..
تابع الصوت
قلت لنفسي إنها مناسبة للاحتفال بترفيعك، في أضخم فنادق العاصمة .. ما رأيك لو جهزت لك الدعوة يوم الثلاثاء القادم أي بعد غد؟
يوم الثلاثاء؟ لماذا ليس الخميس؟
لدينا اجتماع في (اوسلو) يوم الخميس، وقد أقيم في أوربا حتى نهاية الشهر لذلك أنا أصر على تنفيذ الدعوة .. ما رأيك؟
سأتصل بك بعد نصف ساعة لتأكيد الدعوة أو الاعتذار عنها.
لا أرجوك لا مجال للاعتذار.
سأحاول .. لا بأس .. مع السلامة. وضع السماعة، هه ما رأيك يا عزيزتي، إنه مدير (شركة الاستيراد والتصدير الدولية) ، يلح علي بقبول الدعوة إلى احتفال على شرفي في أحد الفنادق الفخمة بعد غد الثلاثاء
لماذا لم تعطه موافقتك؟
أوه .. يجب أن لا نكون لطيفين مع مثل هؤلاء أكثر من اللازم.
لقد أنقذته من ورطة في العام الماضي كادت تكلفه نصف مليون دولار .. ومدة طويلة في السجن.
لم يبخل معنا بشيء .. كان كريماً..
ماذا ستفعل؟
سأوافق بالطبع، ولكن سأتظاهر بأنني سأضحي بقبولي هذا الاحتفال
تعجبني فيك قدرتك على التعامل مع أنواع من البشر، يبدو التعامل معهم مستحيلاً .. ورن جرس الهاتف من جديد .. ارفع السماعة يا حازم
سمع صوت نسائياً:
مساء الخير أستاذ حازم.. ألف مبروك..
أهلا وسهلاً بارك الله فيك..
قالت المرأة على الطرف الآخر
بالتأكيد لست وحدك، اسمع سنلتقي في العاشرة بعد نصف ساعة، في بيتي، يجب أن أراك، بالتأكيد زوجتك إلى جانبك؟
نعم.. نعم..
إذن اتفقنا.. سأكون بانتظارك ..
مع السلامة..
سألته زوجته:
من كانت؟
سكرتيرة المحكمة تبلغني دعوة طارئة، حاولت الاتصال بي بالمكتب لم يرد الهاتف .. فاتصلت إلى هنا.. هه.. ماذا سنفعل الآن، إنها الساعة التاسعة والنصف؟ يا الهي؟
إذن نتعشى في هذه المناسبة السعيدة، أنا أقبل دعوتك إلى أي مكان تريده.. ما رأيك؟
يا إلهي كيف حدث ونسيت؟ أنا آسف يا عزيزتي، لدي موعد هام.. يتعلق بالعمل الجديد مع أحد المتنفذين، أنا آسف جداً، سأعوض لك هذا الوقت بالتأكيد لا توأخذيني.
آه.. لا بأس.
إن اتصل صاحبنا قولي له قبلت الدعوة بعد غد.. سأذهب الآن.
هل ستتأخر؟
سأحاول أن أعود باكراً.. إلى اللقاء يا حياتي.