كلمة إلى أهل العلم والدعوة
"جاءني مرةً أحدُ الأشخاص من قناة الجزيرة الفضائية، وطلب مني أن أتكلَّم في أحد البرامج، فقلت له: ما اسم البرنامج؟ فقال لي: الجريمة السياسية، فقلت له: كيف تطلب مني أن أتكلم في برنامج عنوانه خطأ؟ وكان يريدني أن أتحدث عن قضية الفنية العسكرية، فقلت له: إن أي كلام سأقوله - خطأ أو صحيحًا - سيكون كلامًا خاطئًا؛ لأن البرنامج اسمه الجريمة، والناس للأسف تهوى الظهور، ومَن يتعرَّض للإشعاع الإعلامي يدمن ويتسمم، ويكون لديه استعداد لأنْ يقول أي شيء مهما كان الثمن".
تلك كلمات أدلى بها الشيخ الفاضل، والمربي الداعية: "رفاعي سرور" - حفظه الله ورعاه - لمحاوره، حيث كان يتحدَّث له عن بعض الإشكاليات التي تواجِه بعضَ الدعاة والعلماء من خلال الظهور في وسائل الإعلام.
فينةً بعد أخرى، نلحظ أنَّ وسائل الإعلام تقتنص تلك الفرصَ الذهبيَّة الثمينة، حين يقوم بعض الرموز العلميَّة، سواء أكان شيخًا، أم عالمًا، أم مفكرًا إسلاميًّا، بالظهور في وسائل الإعلام، ويدلي برأيه عبر مقابلة صحفية سريعة، أو إثر حديث له على هامش ندوة أو مؤتمر، يقابله أحدُ الإعلاميين أو الصحفيين، فيسأل ذلك الرمزَ بعضَ الأسئلة، فيقوم ذلك الإعلامي والصحفي بنشر هذه المقابلة، ثمَّ تنشط وسائل الإعلام لنشر ما قاله ذلك الشيخ من: (فرقعة فقهيَّة غريبة)، أو (رأي فقهي شاذ)، أو زيغة من حكيم، أو زلَّة من عالم، أو فُتيا لشيخ لم تُفهَم على الوجه الصحيح، فتنشر مبتورةً، دون مراعاةِ سياقها العام والتام لشرح هذه الفكرة.
وكثيرًا ما تفاجئنا وسائلُ الإعلام بشيء من هذا القبيل، فهذا دكتور يفتي بجواز رضاع المرأة الموظفة لزميلها في العمل؛ حتَّى لا يكون جلوسهما في العمل نفسه خلوةً محرَّمة؛ بشرط توثيق ذلك الإرضاع رسميًّا، أو ذلك الذي أفتى بجواز أن تضرب المرأة زوجَها حين تتأذَّى منه، ويتابعه آخر فيقول بجواز ضرب المرأة لزوجها، فضلاً عن تعلم أنواع ومهارات الكراتيه والتايكوندو؛ للدفاع عن نفسها، وهذا الذي يفتي بجواز التبرُّك ببول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنَّ بوله طاهر، وهو أول العارفين بأنَّه لا يوجد أثر لبوله - صلى الله عليه وسلم - فلا ندري ما فائدة مثل هذه الفتيا، وآخر يفتي بجواز سباحة الفتيات مع الشباب في الحصص الدراسيَّة الرياضيَّة؛ بحجَّة الضرورة؛ شرط ألاَّ ينظر ذلك الشابُّ لتلك الفتاةِ، ولو كانت لابسةً لباسًا عاريًا.
بالطبع كثير ممَّن له إسهامات في مثل هذه الفتاوى الشاذة أو الغريبة، لديهم عدَّة شطحات في مجال الآراء التي تخرج عنهم مرَّة بعد أخرى، وهم الذين نجد أنَّ وسائل الإعلام تصدِّرهم، وتحاول أن تخرجهم كثيرًا عبر أثيرها؛ لكي يَظهروا بمظهر الشيخ، أو الداعية، أو المفتي، وقلَّ أن نجد وسائل الإعلام - إلاَّ ما رحم الله - تستضيف الثقاتِ العدولَ، وأهلَ التوازن في فقههم ورأيهم الشرعي.
وإني بهذا السياق لا أعمِّم هذا الكلام على جميع العلماء أو الدعاة الفضلاء، أو المفكرين الأثبات، فهنالك طائفة بعينها تحتاج لنوع من التذكير في هذا الموضوع؛ لغريب ما يصدر عنها من آراء شاذة، أو فتاوى غريبة.
ولن أطيل في نقل بعض الفتاوى الشاذة أو الغريبة التي تخرج من بعض الأشياخ أو الدعاة، ولن أناقش هنا مَن هو العالم الذي يُؤخذ بقوله؟ ومَن هو الشيخ الذي ينبغي أن نأخذ عنه دينَنا وشرعنا؟ أو عن فقهاء التساهل والمتساقطين تحت ضغط الواقع.
فكلُّ هذا يحتاج لنقاش شرعي، وإن كنتُ قد كتبت مقالاً سابقًا بعنوان: "انظروا عمَّن تأخذون دينكم"، وأوضحتُ فيه صفاتِ العلماء الذين ينبغي أن يُؤخذَ عنهم العلمُ، وقد نُشر في عدَّة مواقع على الشبكة العنكبوتيَّة[1].
بودِّي في هذا المقال أن أناقش قضيةً حسَّاسة، أرى أنَّ مِن مقتضيات فقه العصرِ الوقوفَ عندها، وأنَّ واجب الوقت الحديث عنها؛ وذلك لأهميَّتها؛ فإنَّ حديث ذلك الرمز - سواء أكان شيخًا أم داعية أم مفتيًا - ينبغي أن يسترعي في حديثه عدَّة مهمَّات؛ لكي لا تزلَّ قدمٌ بعد ثبوتها، وحتَّى يكون الحديث لدى وسائل الإعلام مدروسًا، خصوصًا إن كان طلبًا لحوار صحفي، فلا يكون عبر موافقة مباشرة، دون معرفة ما الأسئلة التي ستقال، والاستفسارات التي ستلقى على مرأى ومسمع ذلك الرمز، أو على الأقل أن يكون لدى هذا الرمز إجابات مسبقة ومعروفة ومعهودة عنه في بعض القضايا التي يحبُّ أن يثيرها بعضُ الإعلاميين؛ لكشف رأيه عنها، وقد يكون لديه رأي معين، أو مسألة يدرسها؛ ولكنَّه لم ينتهِ من دراستها، أو لم تتحرَّر لديه، أو أن يكون بعض تلك القضايا ليس من الحِكمة أن تُثار وتُقال عَبرَ وسائل الإعلام، فيكون الجواب عن ذلك على الأقل: الله أعلم، أو بدون تعليق؛ ليحمي نفسه من إثارة زوبعة إعلامية كبرى، قد تُذاع في كبرى المحطات الفضائيَّة، أو تُنشَر على أضخم الصحائف المحليَّة، وقد لا يشعر أنَّ رأيه ذاك، أو فتواه تلك قد كان لها ذلك الزخم الإعلامي، الذي لم يكن يحسب له حسابًا واحدًا، فضلاً عن ألف حساب!
* خطورة ابتلاع الـ(طعم) الإعلامي:
لأهل العلم والدعوة في دين الإسلام مزيَّةٌ عن غيرهم، ودرجة عالية، ومرتبة سامقة، ويكفي أنَّ الله - عزَّ وجل - قال: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: 9]، ويقول: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28]، وقال – تعالى -: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا} [فصلت: 33]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((فضلُ العالمِ على العابد كفضلي على أدناكم))، وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((مَن دعا إلى هدًى، كان له مِن الأجر مثلُ أجور مَن تَبِعه، غير أنَّه لا ينقص من أجورهم شيئًا))، إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث الدالة على منزلة العلم، وفضل الدعوة إلى الله.
لكنَّ المشكلة الكبيرة أنَّ بعض أهل العلم والدعوة، قلَّما يكون لديهم خارطة واضحة في كيفية التعامل مع وسائل الإعلام المرئية، والمقروءة، والمسموعة، وعن كيفية الجواب على سؤال ذلك الإعلامي، الذي قد يكون همُّه الوصولَ إلى التشويش أو التشويه لأهل العلم والفضل، فحين يعثر على بُغيته، تجده ينشر ذلك الرأيَ عبر وسائل الإعلام؛ لكي يحصل بذلك التندر بأقوالهم، والتحدث عنهم، وتشويه صورتهم، وقد تكون هذه الفتوى مبتورة، أو ذلك الرأي ناقصًا، أو يكون هو بعينه رأي ذلك الشيخ أو الداعية، ولكنَّها تُعدُّ زلةً أو زيغة من حكيم، وما أشبه ذلك.
مع أنَّه في الواقع يجدر بمن يعمل في هذه الوسائل الإعلاميَّة أن يتقي الله - عزَّ وجل - في نقله، ويَحذَر من إلقاء التُّهمة على ذلك الرمز العلمي، إلاَّ بعد التأكُّد والتريُّث، فضلاً عن دراسة نشر ما نُسٍبَ لذلك الرمز، وما أحسَنَ كلامَ الإمامِ ابن حجر العسقلاني حين قال: "إنَّ الذي يتصدَّى لضبط الوقائع من الأقوال، والأفعال، والرجال - يلزمه التحري في النقل، فلا يجزم إلاَّ بما يتحقَّقه، ولا يكتفي بالقول الشائع، ولا سيَّما إن ترتَّب على ذلك مفسدة من الطعن في حق أحدٍ مِن أهل العلم والصلاح"[2].
نعم، قد تحصل مزالقُ فقهيَّةٌ، أو زلاَّت من بعض المنتسبين للعلم والدعوة، ولا شك أنَّ كل بني آدم خطَّاء، وأنَّ العالم أو الداعية يجوز عليه الخطأ كما يجوز على غيره، وأنَّ العلماء أو الدعاة ليسوا معصومين من الوقوع في الخطأ؛ لكنِّي لا أستغرب أو أتعجب أن تكون هنالك خطة مبرمجة؛ لتشويه الرموز العلمية والدينية في بلدان المسلمين، (وليس ذلك تأثُّرًا بما قد يظنُّه الظانُّ بنظرية المؤامرة)؛ وذلك أنَّنا نلاحظ من بعض الوسائل الإعلاميَّة التركيزَ في أخبارها على بعض السقطات والزلاَّت التي تَخرج من بعض العلماء والدعاة، فحين يعلم ذلك الصحفي أو الإعلامي، أو يتنامى إليه قولٌ غريب، يقول به ذلك الشيخُ أو العالم، يهرع إليه طالبًا منه مقابلةً صحفية عبر صحيفة أو فضائيَّة؛ ليستفتيه في بعض الآراء، أو يأخذ رأيه في بعض المسائل المهمة، ويكون المقصدُ هو الولوجَ لتلك المسألة؛ ليقول الشيخ أو الداعية قولتَه، فيطير بها ذلك الإعلاميُّ مشيعًا لها في وسائل الإعلام، ويتم المراد من تشويه الرموز الإسلامية واحدًا بعد الآخر.
من اليقين أنَّ هنالك بعضَ الرموز العلميَّة الذين وعوا أهميَّة وسائل الإعلام، وضرورتها لجميع الناس، بَيْدَ أنَّهم قبل اتصال أيَّة جهة إعلامية بهم، يطلبون منها التريثَ قبل الموافقة المباشرة، ويتحرون عنها، وعن الذي سيحاوره أو يطلب منه اللقاء، ويدرس ذلك الرمز منهجيَّةَ البرنامج، ولو بحلقتين أو ثلاث حلقات سابقة؛ لكي تكون لديه دُربة ودراية بالمحيط الإعلامي الذي سيرتاده؛ حتى لا توقعه المطبَّاتُ الإعلاميَّة في حرجٍ بالِغ، ويكون لديها ما تريد، والرسالة التي كان يسعى هذا الرمزُ العلمي لتوصيلها تضيع بين سؤالات المذيع؛ بل هنالك بعض الفضلاء من أهل العلم والفكر، يقومون بأخذ دورات مهنيَّة في كيفية التعامل مع وسائل الإعلام، سواء في دروس، أو محاضرات، أو تصريحات، أو لقاءات، وما شاكل.
* عالجوا أنفسكم قبل معالجة الناس:
أذكِّر نفسي وإخواني من أهل العلم والفكر والدعوة، وأنا تلميذ محبٌّ لهم، ومتطفل على موائدهم، أذكِّرهم بهذه النصيحة التي ائتمننا عليها الشارعُ الحكيم بنصح أئمة المسلمين، بأن يجدِّد أهل العلم والدعوة محاسبتَهم لأنفسهم في صلاح النيَّة، ومداومة تذكُّر الإخلاص لله ربِّ العالمين؛ فالنيات مطايا، مع ملازمة دعاء الله، والتوجه إليه بقلب صادق، ودعاء المضطر أن يهديهم سواء السبيل، وأن يربط على قلوبهم، ويثبِّت أفئدتهم، ويكفيَهم شرَّ كل ذي شر.
ومن الضروري بمكان أن يضع ذلك الرمزُ العلمي في مخيِّلته عدَّةَ نقاط، سائلاً نفسه: ماذا أريد من خروجي الإعلامي؟ هل حبَّ الثناء من الناس ومحمدتهم؟ أو حبَّ الظهور الذي يقصم الظهور؟ أو لحب الرياسة التي سمَّاها العلماء (الشهوة الخفيَّة)؟ أو النجوميَّة والشهرة التي تكون في كثير منها محرقة لا مشرقة؟ فيبدأ الشيخ أو ذلك الرمز واعظًا صادقًا، ثم ينتهي إلى نجم فضائي، يدردش مع المتبرجات، ويمازح الشقراوات الحسان، ويجلس معهنَّ جنبًا إلى جنب؛ بحجَّة مصلحة الدعوة، ويضيع الدِّين والورع والتقوى، ويسقط حجاب الهيبة الذي يضعه الله - تعالى - لهم؛ بسبب تصرفاتهم التي لا ترضي اللهَ - عزَّ وجل.
لقد شعر الإمام ابن المبارك أنَّ أحد القضاة الذي كان يعرفه، بميوله للدنيا وأهلها، فأرسل له رسالة شعرية قائلاً:
يَا جَاعِلَ العِلْمِ لَهُ بَازِيًا يَصْطَادُ أَمْوالَ المَسَاكِينِ
احْتَلْتَ لِلدُّنْيَا وَلَذَّاتِهَا بِحِيلَةٍ تَذْهَبُ بِالدِّينِ
فَصِرْتَ مَجْنُونًا بِهَا بَعْدَمَا كُنْتَ دَوَاءً لِلمَجَانِينِ
أَيْنَ رِوَايَاتُكَ فِي سَرْدِهَا عَنِ ابْنِ عَوْنٍ وَابْنِ سِيرِينِ
إِنْ قُلْتَ أُكْرِهْتُ فَمَاذَا كَذَا زَلَّ حِمَارُ العِلْمِ فِي الطِّينِ
وهذه الأبيات تنم في الحقيقة عن عمق فكري، ونظر مستقبلي من الإمام ابن المبارك، وتتناسب طردًا مع ما يقوم به بعضُ الدعاة والعلماء، الذين - وللأسف - صاروا يتطايرون لوسائل الإعلام أيًّا كانت، كما تتطاير الفراش على الضوء اللاهب، وقد يذهب هذا الفراش لحتفه، ظانًّا أنَّ عند هذا الضوءِ سبيلَ نجاة أو مصلحةً له، فيكون محرقة له.
* حتى لا يكون في حديث أهل العلم فتنة:
إنَّ الحديث لوسائل الإعلام - سواء أكان هذا الحديث عبر برنامج (فتوى)، أم برنامج (حوار)، أم مؤتمر، أم ندوة - ينبغي أن يَأخذ ذلك المتحدِّثُ في اعتباره عدَّةَ أمور؛ لكي يكون حصيفًا ذكيًّا، ولكي لا يستغل أي شخص يرغب في ترويج شيء ما إلى أذهان الناس من خلال تلك الخرجات الفضائيَّة، وقد يستغفل بعضهم أولي العلم؛ بسبب قلَّة خبرتهم في التعامل مع وسائل الإعلام، فيقول الشيخ كلمةً أو رأيًا فقهيًّا لم يدقِّق في صحته، ثمَّ حين يشتهر هذا الرأي عنه، يقوم ذلك الشيخ بذكر رأيه مرَّة أخرى بكتابة بيان أو فتوى، أو أن يتراجع ذلك الشيخ أمام الناس - وتراجعه حسن جميل إن كان تراجعًا صحيحًا - وكأنَّه لا تحق المراجعات إلا للشيوخ والعلماء والدعاة، وهي التي تُنشر، وأمَّا غيرهم فهم على ثبات دائم، وقول مطَّرد، منذ أن خرجوا من بطون أمَّهاتهم وإلى الآن!
ومصدر الخلل أنَّ ذلك الشيخ أو الرمز لم يتحرَّ الصوابَ والصحَّة، وبحث المسألة بشكلها الصحيح قبل أن يعرض رأيه وهو مقتنع به.
ولعل مِن أهمِّ هذه القضايا الحسَّاسة، والتي من المهم أن تُقال، ما يلي ذكره:
1- ليس كل ما يُعلَم يقال: سواء على ملأ الناس وحضورهم، أو في وسائل الإعلام، وقد كانت هذه سُنَّة لأهل العلم والفضل، وعند مسلم في مقدمة "صحيحه": أنَّ الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود قال: "ما أنت بمحدِّثٍ قومًا حديثًا لا تبلغه عقولُهم إلا كان لبعضهم فتنةً"، وقال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: "حدِّثوا الناسَ بما يعقلون؛ أتحبُّون أن يُكذَّب الله ورسوله؟!"؛ ولهذا بوب الإمام البخاري في "صحيحه" بابًا بعنوان: "باب مَن خصَّ بالعلم قومًا دون قوم؛ كراهية ألاَّ يفهموا".
فليتَّقِ اللهَ أولئك المتحدِّثون في كل وقت وزمن، وحال ومكان، بكل ما لديهم، فإنَّ مما يعلمه الناس - جميع الناس - أنَّه: "ليس كل ما يُعلَم يقال، ولا كل ما يُقال حضر أهله، ولا كل ما حضر أهله حان وقته"، وإنَّ كتمان شيء من الدِّين لمصلحة الدين، ولكيلا يكون ذريعة لأهل الفساد - أمرٌ ممدوح، ومصلحة يتغيَّونها منذ زمن، وقد ذكر الإمام ابن حجر أنَّه: "ممن كرِهَ التحدُّث ببعض دون بعض: أحمدُ في الأحاديث التي ظاهرها الخروج على السلطان، ومالكٌ في أحاديث الصفات، وأبو يوسفَ في الغرائب، ومِن قبلهم أبو هريرة في الجرابين، وأن المراد ما يقع من الفتن، ونحوه عن حذيفة.
وعن الحسن: أنه أنكر تحديث أنس للحجاج بقصة العرنيين؛ لأنه اتخذها وسيلةً إلى ما كان يعتمده من المبالغة في سفك الدماء بتأويله الواهي"[3].
2- عدم الحديث إلا في مجال التخصص: فإنَّ فاقد الشيء لا يعطيه، وإنَّ من أسباب البلاء، والداء الذي ما له دواء إلا التخصص والتعلُّم، أو السكوت والصمت - أن يظن الظانُّ أنَّه حين قرأ شيئًا مِن كُتبِ العلم، فإنَّ لديه مندوحةً لكي يتكلم في مسائل العلم والدين، إنَّ زمن الموسوعيَّة قد ولَّى وانتهى، وأنَّه لو وُجد شيء من ذلك فهو نادر جدًّا، ومن المعلوم أنَّه ليس كلُّ مَن تخصَّص في فن من العلوم أنَّه قادر على الحديث والتكلم في مسائل أخرى، وإذا كان هذا لم يحصل للعلماء السابقين، الذين كانوا قريبين من عهد النبوة، وكان العلم في عصرهم منتشرًا بأصوله العلمية، ومنضبطة بشكل متقن، وكانت الشواغل لديهم قليلة، ومع هذا نجد أنَّ الإمام الشافعي - وهو مَن هو في علم الفقه والحديث - يقول للإمام أحمد بن حنبل: "أنتم أعلمُ بالحديث والرجال مني، فإذا كان الحديث صحيحًا فأعلموني، كوفيًّا كان، أو بصريًّا، أو شاميًّا؛ حتَّى أذهب إليه إذا كان صحيحًا"[4]، فيُثبت الإمام الشافعي العلمَ في الحديث لأحد طلابه، وهو الإمام المحدِّث أحمد بن حنبل - رحمة الله عليهم.
وهذا الإمام أحمد بن حنبل، حين سئل عن مسألة من مسائل الغريب - أي: غريب الحديث، والألفاظ قليلة الاستعمال في اللغة - قال - رحمه الله -: "سلُوا أصحابَ الغريب؛ فإني أكره أن أقول في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم – بالظن"[5]، وكان مرجعُ الفتيا في مسائل الغريب في عصر الإمامِ أحمدَ عدةَ علماء أجلاء متخصصين في هذه الفن، ومنهم الإمام أبو عبيد القاسم بن سلاَّم، حيث كان إليه المرجع في هذا الباب، ولديه كتابه المعروف: "غريب الحديث"، ومع هذا فلا يفوتني أن أقول بأنَّ الإمام أحمد، الذي عزا المرجع في السؤال عن غريب الحديث لأهل التخصص، أنَّه لم يكن ضعيفًا في هذا المجال؛ بل كانت لديه قراءات كبيرة جدًّا، وقد قال: كتبتُ في اللغة أكثر ممَّا كتب أبو عبيد القاسم بن سلاَّم!
فالمقصد أنَّ الإمام أحمد - مع علوِّ كعبه وباعه في علم اللغة - قد عزا ذلك للإمام أبي عبيد القاسم بن سلاَّم؛ لكي يعتاد الناس على التلقي عن المتخصصين، وأما أنصاف المتخصصين، فإنَّ البلاء كبير جدًّا منهم، وقد نقل الإمام ابن تيمية - رحمة الله عليه - مقولة جميلة، فقال: "وقيل: إنما يفسد الناسَ نصفُ متكلِّم، ونصفُ فقيه، ونصف نحوي، ونصف طبيب؛ هذا يُفسد الأديانَ، وهذا يفسد البلدان، وهذا يفسد اللسان، وهذا يفسد الأبدان"، ثمَّ قال - رحمه الله - كلمة جوهرية: "لا سيما إذا خاض في مسألة لم يَسبقه إليها عالِمٌ، ولا معه فيها نقلٌ عن أحد، ولا هي من مسائل النزاع بين العلماء فيختار أحد القولين"[6].
3- الفطانة والتيقُّظ: والانتباه من سؤالات الناس وحِيَلهم، والتفافهم ودورانهم على المتحدث؛ لكي يبلغوا إلى حيث يريدون من رأيه، وقد نبَّه الإمام النووي - رحمه الله تعالى - إلى ضرورة التيقظ والفطانة للمفتي[7]، وتَبِعه على ذلك الإمامُ ابن عابدين، حيث قال: "وهذا شرط في زماننا، فلا بدَّ أن يكون المفتي متيقظًا يَعلم حيَلَ الناسِ ودسائسهم؛ فإنَّ لبعضهم مهارةً في الحيل والتزوير، فغفلة المفتي يلزم منها ضررٌ كبير في الدِّين، وقلْب الكلام، وتصوير الباطل في صورة الحق، كما هو شائع في هذا الزمان"[8]، فما البال بزماننا هذا؟! والذي يتعلم فيه الناس - وخصوصًا الإعلاميين - طريقةَ الالتفاف على المحاوَر، وسؤاله بعدَّة طرق؛ حتى يصلوا إلى مبتغاهم وغايتهم، وهذا بالطبع ليس في كل الإعلاميين أو الصحفيين، ولكنَّنا نقصد طائفة بعينها، أخذتْ على نفسها شيئًا من هذا القبيل.
4- مراقبة الله في كلِّ قولة ورأي يتحدث به المتحدث: وحينما يتأمل المتكلمُ قولَه - تعالى -: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد} [ق: 18]، وقوله: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء: 36]، وقوله: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1] - فإنَّه يرتدع عن قول أي شيء قد يستخدمه أهلُ الفجور للنَّيل من الدِّين وأهله؛ بل يتحرَّى ذِكر القول الحق، وقد ذكر الإمام ابن رجب الحنبلي عن الفقيه القاضي زين الدين أبي حفص عمر بن سعد الله الحراني، الذي أثنى عليه الإمام الذهبي فقال: "عالم ذكي، خيِّر وقور"، حيث ذكر ابن رجب: أنَّه حدَّثه أحدُ العلماء عن هذا الرجل أنَّه قال: "لم أقضِ قضيَّة إلا وقد أعددتُ لها الجواب بين يدي الله"[9].
5- فقه المآلات: فهنالك بعض الأقوال والآراء يكون مآلها وبالاً وشنارًا؛ لأن المرءَ المتحدث والمتصدِّر للكلام لدى وسائل الإعلام حقيقٌ به أن يَعرف توجهاتِ الناس، وميولهم، واختياراتهم، وميل غالبهم إلى الهوى، وما ترتضيه الأنفس، وقد صدَق الإمام ابن تيمية - رحمة الله عليه - حين قال: "وما أكثر ما تفعل النفوسُ ما تهواه؛ ظانَّةً أنها تفعله طاعة لله"[10].
6- الحذر من العجلة والتسرع: وإذا كان مِن طبع الإنسان العجلةُ؛ كما قال – تعالى -: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا} [الإسراء: 11]، فقد جاء الأمر من الشارع الحكيم بالتؤدة والرِّفق، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّ الله رفيق يحبُّ الرفقَ، ويُعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف))، كما في "صحيح الإمام مسلم": ((ليعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف))، وقال - صلى الله عليه وسلم –: ((التأنِّي من الله، والعجلة من الشيطان))[11].
فخليق بأهل العلم والدعوة أن يكونوا على مستوى رفيع من التأني في الحديث، واستصدار القرار والحكم على المسألة، والأعيان، والأشخاص، فإنَّ قولهم ليس كقول غيرهم، فهو قول مرصود، وخصوصًا فيما نتحدث به حين يكون الحديث والمقال في وسائل الإعلام، وإني في كثير من الأحيان أستمع إلى بعض الفتاوى أو الحوارات، التي يكون فيها مطارحة للرأي، أو تقليب للفكر، فقلَّما أستمع لأحد يقول كما قال عبدالله بن الزبير: "إنَّ هذا الأمر ما لنا فيه قول"، فإنَّ هذه الحالة يندر وجودها، كما يندر وجود لبن الطير في البريَّة.
لهذا أجد الإمامَ الجليل أبا الوليد الباجي يقول معلقًا: "قول عبدالله بن الزبير إقرار منه بالحق، وتوقُّف عن الفتوى فيما لم يظهر له صوابُه، وإن كان من أهل العلم، وهذا مما يجب أن يلزمه كلُّ ذي دِين، أن يقول إذا سُئل عمَّا لا يعلم: لا أعلم"[12].
ورحم الله الإمام مالكًا، حيث قال عنه تلميذُه ابن وهب - رحمه الله -: لو كتبنا عن مالك "لا أدري"، لملأنا الألواح، فلا خجل ولا عيب أن يقول مَن لا يعلم عن شيء: الله أعلم.
7- الاعتراف بالحق حال وقوع الخطأ: فمِن صفة صاحب الدين والاستقامة أنَّه رجَّاع للحق والصواب، حينما يثبت عليه أنَّه قال بخلافه، وخصوصًا في حال حديثه أمام ملأ من الناس، أمام الفضائيات، أو في شتَّى وسائل الإعلام، ولا يوجد في ذلك عيب أن يرى الناس أنَّ ذلك المتحدِّث الذي قال في درسه، أو في حوار معه، أو في برنامجه أنَّه أخطأ وقال بخلاف الصواب.
8- فقه الواقع ومعرفة المجتمع: فهنالك أقوال وآراء وفتاوى تناسِبُ مجتمعًا دون مجتمع آخر، وما دام أنَّ العادة محكَّمة، وأنَّ المعروف عُرفًا كالمشروط شرطًا؛ كما يقول الأصوليون، فإنَّ عُرف كل بلد وعاداتهم تختلف من ذاك البلد إلى البلد الآخر؛ لهذا كان لزامًا على المتحدِّث أن يراعيَ هذه القضيَّةَ، ولعلَّ مِن خير ما يُذكَر في هذا المجالِ أنًَّ الإمام القرافي ذَكَر أنَّ المفتي: "لا يَحلُّ له أن يُفتي أحدًا بالطَّلاق حتَّى يعلم أنَّه من أهل بلدِ ذلك العرفِ الذي رُتِّبت الفتيا عليه"[13]، وحتَّى الإمام الشاطبي - رحمه الله - يقول: "العوائدُ الجارية ضروريةُ الاعتبارِ شرعًا، سواء كانت شرعيةً في أصلها، أو غيرَ شرعية"[14].
9- التحدُّث باللغة العربية الفصيحة: وذلك لأنَّ لكل بلدٍ لهجتَه وطبيعته في الخطاب والحديث، وإذا لم يُدركِ المتحدثُ هذه الحالةَ، فإنه وأثناء حديثه قد يجر في بعض حديثه أو بعض كلماته لبسًا أمام الناس.
* فتاوى التنازل تحت ضغط الواقع:
هنالك مِن منتسبي العلم والدعوة مَن لديهم في الحقيقة (شهوة الكلام)، فتراهم يرطنون ويتحدثون في عدد من الفضائيات والقنوات، لكنَّهم لا يدركون أنَّ هنالك مشكلةً إشعاعيَّة إعلاميَّة قد تعترضهم.
فصرنا نجد مَن يرى أنَّ الحياة المعاصرة لا تستغني عن الفوائد الربويَّة، حيث غدت ضرورة اقتصاديَّة؛ ولهذا يجوِّز أخذها، ومَن يفتي بجواز أن يستلحق مَن وجد لقيطًا، ويضمه إلى نسبه، ويصبح بذلك ابنًا له، تترتَّب عليه حقوق البنوَّة، ومَن يرى جواز التضحية بالدجاج بديلاً عن الغنم والبقر والإبل، حين يكون المرء فقيرًا، ومثل هذه الآراء والفتاوى التي يَضحك العقلاء منها ومن تخريجاتها العجيبة، ولا عجب في ذلك؛ فقد قيل:
عَلَى أَنَّهَا الأَيَّامُ قَدْ صِرْنَ كُلُّهَا عَجَائِبَ حَتَّى لَيْسَ فِيهَا عَجَائِبُ
وقد يكون كثير مِن هؤلاء قد أفتَوا بذلك؛ بسبب ضغط الواقع، وإملاء الجماهير، أو مِن باب (فقه التيسير) - وهو باب عظيم من أبواب فقه الفقه - فيدخلون من هذا الباب إلى التساهل والتلاعب بدين الله وأحكامه، ثمَّ يتلقف الإعلامُ هذه الفتاوى ويروِّجها بشكل واسع وطويل؛ بل قد تُذاع في نشرات الأخبار!
* أبت السلاحف أن تطول القممَ:
هنالك مِن بعض الإعلاميين أو الصحفيين مَن يحاول استشارة بعض أهل العلم والفكر الكبار، ويروِّج رأيًا لهم عبر وسيلة إعلامية، وقد يقصد بها التندر بأولئك الفضلاء، أو محاولة الاستثارة؛ لكي يقوم أحد الكبار فيقف لذلك الصغير الوضيع في العلم، ويناقشه، ويكون معه الصواب، ولكنَّ ذلك الكاتب أو الإعلامي لا يقصد وراء ذلك إلاَّ أنَّه صار على مرتبة من العلم أضيفت إليه، حين يقوم ذلك العالم أو الشيخ منتدبًا نفسه للرد عليه، وينال ما يريده بأنًَّ الدكتور الكبير، أو العالِم النحرير قد ردَّ عليَّ، وقد يكتب ردًّا إضافيًّا على ذلك العالم، من قبيل النقاش، فيعلو صوته، ويشتهر اسمه، بعد أن كان وضيعًا من خلال مقالة أو مناقشة.
وإنَّنا في هذا المجال نذكِّر أنَّه كان في عصر من عصور الدولة الإسلامية شاعر معروف، إلاَّ أنَّ شهرته لم تكن كما كان لدى غيره، فلقد هجا بشارُ بن برد جريرًا؛ طمعًا في أن يَرُدَّ عليه جرير، ويدخل بشَّار حلبةَ الصراع مع الفحول الثلاثة: (جرير، والفرزدق، والأخطل)، فيشتهر مثلهم، لكن جريرًا لم يأبَهْ له، ولم يردَّ عليه؛ لأنَّه وجده دون هذه المنزلة، فبكى بشار، فقيل له: ما يبكيك يا أبا معاذ؟ فقال: عدم هجاء جرير لي؛ فإنه لو هجاني، لصيرني أشعر الناس!
* وأخيرًا:
فإنَّ على المشايخ وأهل الفضل والفكر، حين يريدون الحديث لأيَّة وسيلة إعلاميَّة، أن يكون لديهم إدراك وسابق معرفة مع مَن يتحدثون، وإلى من، وخبرة بطبائع الوسائل الإعلامية، وأن يجروا بحثًا في طبيعة المحاور أو السائل الصحفي؛ لكي يعلموا حقيقة حواراتهم، فإن كانت لكشف الحقيقة، وإفادة الناس، فحيَّهلا، وإلاَّ فليحذروا منهم، ويُعلِموا غيرهم بأولئك الذين يتسلَّقون على أكتافهم؛ فإنَّه لا يَعرِف الفضلَ لأهل الفضل إلا أهلُ الفضل.
ولقد قال القاضي الجُرجاني:
يَقُولُونَ لِي فِيكَ انْقِبَاضٌ وَإِنَّمَا رَأَوْا رَجُلاً عَنْ مَوْقِفِ الذُّلِّ أَحْجَمَا
أَرَى النَّاسَ مَنْ دَانَاهُمُ هَانَ عِنْدَهُمْ وَمَنْ أَكْرَمَتْهُ عِزَّةُ النَّفْسِ أُكْرِمَا
وَلَمْ أَقْضِ حَقَّ العِلْمِ إِنْ كُنْتُ كُلَّمَا بَدَا طَمَعٌ صَيَّرْتُهُ لِيَ سُلَّمَا
وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ العِلْمِ صَانُوهُ صَانَهُمْ وَلَوْ عَظَّمُوهُ فِي النُّفُوسِ لَعُظِّمَا
وَلَكِنْ أَهَانُوهُ فَهَانُوا وَدَنَّسُوا مُحَيَّاهُ بِالأَطْمَاعِ حَتَّى تَجَهَّمَا
وأمَّا مَن كان همُّه الخروجَ بأية وسيلة إعلاميَّة، والمهم أن يتحدث ويرخِّص في فتاواه، ويتساهل في رأيه، ولو كان لديه علم أو شيء من فَهم، فحسبهم الله - تعالى - يوم القيامة، فإنَّهم قد أهانوا علمهم، وأهانوا أنفسهم، ويُخشى عليهم من غضب الله ومقته، وقد أحسن الشاعر حين قال:
لاَ شَيْءَ أَخْسَرُ صَفْقَةً مِنْ عَالِمٍ لَعِبَتْ بِهِ الدُّنْيَا مَعَ الجُهَّالِ
وأحسن منه وأجمل ما قاله الله - عزَّ وجل -: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ * سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ} [الأعراف: 175 - 177]، ومن الله الحول والطول، وهو حسبنا ونعم الوكيل.