Admin
..:: صـــاحـب المنــتـدى ::..
||•الجنس•|: : ||•مسآهمآتے•| : 3462 ||تـقـييمےُ•|: : 1 تاريخ التسجيل : 24/01/2013
| موضوع: غارت النجوم ونامت العيون 18/3/2016, 4:57 pm | |
| غارت النجوم ونامت العيون
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صل الله عليه وسلم تسليما كثيرا:-
مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثـلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلاَ أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُواْ ثُمَّ يُنَبّئُهُم بِمَا عَمِلُواْ يَوْمَ القيامَةِ إِنَّ للَّهَ بِكُلّ شَىْء عَلِيمٌ [المجادلة:7]. رجلان من قريش يجلسان في جوف الليل، تحت جدارِ الكعبة، قد هدأت الجفون ونامتالعيون، أرخى الليلُ سدوله، واختلط ظلامُه، وغارت نجومُه، وشاع سكونُه ولا يبفى الا الحى القيوم الذى لا تأخذه سنة ولا نوم . قاما يتذاكران، ويخططان ويدبران، وظنا أن الحي القيوم لا يعلمُ كثيراً مما يعملون. استخفوا من الناس ولم يستخفوا من الله الذي يعلم ما يبيتونَ مما لا يرضى من القول. تذاكرا مصابهم في بدر فقال صفوان وهو أحدُهم: والله ما في العيش بعد قتلى بدر خير. فقال عمير: صدقت والله لولا دينُ علي ليس له قضاء، وعيالُ أخشى عليهم الضيعة لركبتُ إلى محمد حتى أقتله. صلى الله على نبينا محمد. اغتنم صفوان ذلك الإنفعال، وذلك التأثر وقال: علي دينُك، وعيالُك عيالي لا يسعُني شيءُ ويعجزُ عنهم. قال عمير: فأكتم شأني وشأنك لا يعلم بذلك أحد. قال صفوانُ: أفعل. فقام عمير وشحذ سيفَه، وسمَه، ثم انطلقَ به يغضُ السير به إلى المدينة. وصل إلى هناك وعمرُ رضي الله عنه، أعني بنَ الخطاب في نفرٍ من المسلمين. أناخَ عميرُ على بابِ مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم متوشحاً سيفه. فقال عمر: عدو الله، والله ما جاء إلا لشر. ودخل عمر على رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأخبره بخبره. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أدخلُه علي. فأخذ عمرُ بحمائل سيفِ عُمير وجعلها له كالقلادة ثم دخل به على النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رآه صلى الله عليه وسلم قال لعمر: أرسله يا عمر. ثم قال ما جاء بك يا عمير. وكان له أبنُ أسير عند رسولِ صلى الله عليه وسلم قال جئت لهذا الأسير، فأحسنوا به. قال صلى الله عليه وسلم: فما بالُ السيفِ في عنقك؟ قال: قبحها اللهُ من سيوف وهل أغنت عنا شيئاً. فقال صلى الله عليه وسلم وقد جاءه الوحيُ بما يضمرُه عمير، اصدقني يا عمير ما الذي جاء بك؟ قال: ما جئت إلا لذاك. فقال صلى الله عليه وسلم: بل قعدت مع صفوان في الحجر في ليلة كذا، وقلت له: كذا، وقال لك: كذا وتعهد لك بدينك وعيالك، واللهُ حائلُ بيني وبينك. قال عمير: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنك رسول الله صلى الله عليه وسلم. هذا أمرُ لم يحضُره إلا أنا وصفوان، واللهِ إني لأعلم أنه ما أتاك به الآن إلا الله، فالحمد لله الذي ساقني هذا المساق، والحمد لله الذي هداني للإسلام. جاء ليقتلَ النور ويطفىء النور، فرجعَ وهو شعلةُ نور اقتبسَه من صاحب النور صلى الله عليه وسلم. عباد الله، سمعتم المؤامرة تحاك تحت جدار الكعبة، في ظلمة الليل لا يعلمُ بها أحد حتى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم لأنه لا يعلم الغيب. حُبكت المؤامرةُ سراً. من الذي أعلنها؟ من الذي سمعهما؟ وهما يخططان، ويدبران ويمكران عند باب الكعبة. إنه الذي لا يخفى عليه شيءُ في الأرض ولا في السماء. كم تأمر المتآمرون في ظلام الليل، كم من عدو للإسلام جلس يخطط لضرب الإسلام وحدَه أو مع غيره سراً، ويظن أنه يتصرفُ كما يشاء، متناسياً أن الذي لا يخفى عليه شيءُ يسمع ما يقولون ويبطل كيدَهم فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين. يا أيها العبدُ المؤمن: إذا لقيت عنتاً ومشقة وسخرية واستهزاء فلا تحزن ولا تأسَ إن الله يعلم ما يقال لك قبل أن يقالُ لك، وإليه يرد كل شيء، لا إله إلا هو. يا أيها المؤمن إذا جُعلت الأصابع في الآذان: واستغشيت الثياب، وزاد الإصرار والاستكبار، وكثر الطعن وضاقت نفسك فلا تأسَ ولا تحزن، إن الله يعلم ويسمع ما تقول وما يقال لك. لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْء وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى:11]. يَعْلَمُ خَائِنَةَالاْعْيُنِ وَمَا تُخْفِى الصُّدُورُ [غافر:19]. يا أيها الشاب الذي وضع قدمَه على أول طريق الهداية، فسمع رجلاً يسخر منه، وآخر يهزأ به، وثالثاً يقاطعه، اثبت ولا تأسَ وأعلم علم يقين أنك بين يدي الله يسمع ما تقول، ويسمع ما يقال لك، وسيجزي كل أمرء بما فعل. لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِى لسَّمَـواتِ وَلاَ فِى الأرْضِ وَلاَ أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرُ إِلاَّ فِى كِتَـابٍ مُّبِينٍ [سبأ:3]. يا مرتكبَ المعاصي مختفياً عن أعينَ الخلق أين الله؟ أين الله ما أنت واللهِ إلا أحدُ رجلين: إن كنتَ ظننتَ أن اللهَ لا يراك فقد كفرت. وإن كنت تعلمُ أنه يراك فلمَ تجترئ عليه، وتجعلَه أهونَ الناظرينَ إليك؟ يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيّتُونَ مَا لاَ يَرْضَي مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً [النساء:108]. يدخلُ بعضُ الناسِ غابةً ملتفة أشجارُها، لا تكادُ ترى الشمسَ معها، ثم يقول: لو عملتُ المعصيةُ الآنَ من كان يراني؟ فيسمعُ هاتفاً بصوت يملأ الغابة ويقول: أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الملك:14]. بلى والله. فيا منتهكاً حرماتِ الله في الظلمات، في الخلوات، في الفلوات بعيداً عن أعين المخلوقات، أين الله؟ هل سألت نفسكَ هذا السؤال. في الصحيح من حديث ثوبان رضي الله عنه قال قالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لأعلمنَ أقواماً من أمتي يومَ القيامةِ يأتون بحسناتٍ كأمثالِ الجبال بيضاً، يجعلُها اللهُ هباءً منثوراً)). قال ثوبان: صفهم لنا، جلّهم لنا أن لا نكون منهم يا رسول الله قال: ((أما إنهم إخوانُكم ومن جلدتِكم ويأخذون من الليلِ كما تأخذون، لكنهم إذا خلوا بمحارمِ اللهِ انتهكوها)). إلى من يملأ ليله وعينَه وأذنه ويضيعُ وقتَه حتى في ثُلث الليل الآخر، يملأ ذلك بمعاصي الله، أين الله؟ فقد روى االثقاةُ عن خيرِ الملاء بأنـه عـز وجـل وعـلا فـي ثلثِ الليـل الأخيـرِ ينزلُ يقـول هل مـن تائبٍ فيقبلُ هل من مسيء طـالبٍ للمغفرة يجد كريماً قابـلاً للمعـذرة يمـن بالخيـراتِ والفضـائل ويسترُ العيب ويعطي السائل فنسأله من فضله. إن اللهَ لا يخفى عليه شيء فهلا اتقيتَه يا عبد الله. عمرُ بن الخطاب رضي اللهُ عنه، يعسُ ليلةً من الليالي ويتتبع أحوال الأمة، وتعب فاتكأ على جدارٍ ليستريح، فإذا بمرأةٍ تقولُ لابنتها: امذقي اللبنَ بالماءِ ليكثرَ عند البيع. فقالت البنت:ُ إن عمرَ أمرَ مناديه أن ينادي أن لا يشابُ اللبنَ بالماء. فقالتِ الأم:ُ يا ابنتي قومي فإنك بموضعٍ لا يراكِ فيه عمرُ ولا مناديه. فقالتِ البنتُ المستشعرةُ لرقابةَ الله: أي أماه فأين الله؟ وللهِ ما كنتُ لأطيعَه في الملا، وأعصيه في الخلاء. ويمرُ عمرُ أخرى بامرأة أخرى تغيبَ عنها زوجها منذ شهور في الجهاد في سبيل الله عز وجل، قد تغيبت في ظلمات ثلاث، في ظلمة الغربةِ والبعد عن زوجها، وفي ظلمة الليل، وفي ظلمة قعر بيتها، وإذا بها تنشد وتقول وتحكي مأساتها: تطاول هذا الليل وازور جانبه وأرقنـي أن لا حبيب ألاعبـه فوالله لولا الله لا رب غيـره لحرك من هذا السريري جوانبه ما الذي راقبته في ظلام الليل وفي بعد عن زوجها، وفي هدأة العيون؟ والله ما راقبت إلا الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء. أنعم بها من مراقبة وأنعم بها من امرأة. وأعرابية أخرى يراودها رجل على نفسها كما أورد ابن رجب، ثم قال لها: ما يرانا أحد إلا الكواكب. فقالت: وأين مكوكبها يا رجل؟ أين الله يا رجل؟ أتستخفي من الناس ولا تستخفي من الله وهو معك إذ تبيت ما لا يرضى من القول. أخيرا اسمع لهذا الحدث ولم يقع في هذا الزمن وإنما وقع في زمن مضى لتعلم ثمرة مراقبة الله عز وجل، واستشعار ذلك الأمر. رجل اسمه نوح بن مريم كان ذي نعمة ومال وثراء وجاه، وفوق ذلك صاحب دين وخلق، وكان له أبنة غاية في الجمال، ذات منصب وجمال. وفوق ذلك صاحبة دين وخلق. وكان معه عبد اسمه مبارك، لا يملك من الدنياء قليلاً ولا كثيراً ولكنه يملك الدين والخلق، ومن ملكهما فقد ملك كل شيء. أرسلَه سيده إلى بساتين له، وقال له: اذهب إلى تلك البساتين واحفظ ثمرها، وكن على خدمتها إلى أن آتيك. مضى الرجل وبقي في البساتين لمدة شهرين، وجاءه سيده، جاء ليستجم في بساتينه، ليستريح في تلك البساتين. جلس تحت شجرة وقال: يا مبارك، ائتني بقطف من عنب. جاءه بقطف فإذا هو حامض. فقال: ائتني بقطف آخر إن هذا حامض. فأتاه بآخر فإذا هو حامض. قال: ائتني بآخر، فجاءه بالثالث فإذا هو حامض. كاد أن يستولي عليه الغضب، وقال: يا مبارك أطلب منك قطف عنب قد نضج، وتأتني بقطف لم ينضج. ألا تعرف حلوه من حامضة؟ قال: والله ما أرسلتني لأكله وإنما أرسلتني لأحفظه وأقوم على خدمته. والذي لا إله إلا هو ما ذقت منه عنبة واحدة. والذي لا إله إلا هو ما رقبتك، ولا رقبت أحداً من الكائنات، ولكني راقبت الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء. أعجب به، وأعجب بورعه وقال: الآن أستشيرك، والمؤمنون نصحة، والمنافقون غششة، والمستشار مؤتمن. وقد تقدم لابنتي فلان وفلان من أصحاب الثراء والمال والجاه، فمن ترى أن أزوج هذه البنت؟ فقال مبارك: لقد كان أهل الجاهلية يزوجون للأصل والحسب والنسب. واليهود يزوجون للمال. والنصارى للجمال. وعلى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، يزوجون للدين والخلق. وعلى عهدنا هذا للمال والجاه. والمرء مع من أحب، ومن تشبه بقوم فهو منهم. أي نصيحة وأي مشورة؟ نظر وقدر وفكر وتملى فما وجد خيراً من مبارك، قال: أنت حر لوجه الله أعتقه أولاً. ثم قال لقد قلبت النظر فرأيت أنك خير من يتزوج بهذه البنت. قال: اعرض عليها. فذهب وعرض على البنت وقال لها: إني قلبت ونظرت وحصل كذا وكذا، ورأيت أن تتزوجي بمبارك. قالت: أترضاه لي؟ قال: نعم. قالت: فإني أرضاه مراقبة للذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء. فكان الزواج المبارك من مبارك. فما الثمرة وما النتيجة؟ حملت هذه المرأة وولدت طفلاً أسمياه عبد الله، لعل الكل يعرف هذا الرجل. إنه عبد الله بن المبارك المحدث الزاهد العابد الذي ما من إنسان قلب صفحة من كتب التاريخ إلا ووجده حياً بسيرته وذكره الطيب. إن ذلك ثمرة مراقبة الله غز وجل في كل شي. أما والله لو راقبنا الله حق المراقبة لصلح الحال، واستقامت الأمور. فيا أيها المؤمن، إن عينَ اللهِ تلاحقُك أين ما ذهبت، وفي أي مكان حللت، في ظلامِ الليل، وراء الجدران، وراء الحيطان، في الخلوات، في الفلوات، ولو كنتَ في داخلِ صخورٍ صم، هل علمتَ ذلك، واستشعرتَ ذلك فاتقيتَ اللهَ ظاهراً وباطناً، فكانَ باطنُك خيرُ من ظاهرِك. إذا ما خلوت الدهرَ يوماً فلا تقل خلوتُ ولكن قل علي رقيبُ ولا تحسـبنَ اللهَ يغفـلُ سـاعةً ولا أن ما تخفيه عنه يغيبُ عباد الله، اتقوا اللهَ في ما تقولون، واتقوا الله في ما تفعلون وتذرون. اتقوا الله في جوارحكُم، اتقوا اللهَ في مطعمِكم ومشربِكم، فلا تدخلوا أجوافَكم إلا حلالاً فإن أجوافَكم تصبرُ على الجوعِ لكنها لا تصبرُ على النار. اتقوا اللهَ في ألسنتِكم، اتقوا اللهَ في بيوتِكم، في أبنائِكم في خدمكم، في أنفسكم. اتقوا اللهَ في ليلِكم ونهارِكم، اتقوا اللهَ حيثما كنتم. وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى°كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ [البقرة:281]. عباد الله: اعلموا علم يقينٍ أن اللهَ هو الرقيب، وأن الله هو الحسيب، وأنه لا ملجأ منه إلا إليه، ولا مهرب منه إلا إليه. هو الشهيدُ وكفى به شهيداً، ومن حكمتِه سبحانه وبحمده أن جعل علينا شهوداً آخرين لإقامةِ الحجُةِ حتى لا يكون للناس حجة، وتعدد الشهودُ علينا وكفى باللهِ شهيداً، من هؤلاءِ الشهودِ: رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، حيثُ يقول اللهُ عز وجل: وَكَذظ°لِكَ جَعَلْنَـظ°كُمْ أُمَّةً وَسَطًا لّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا [البقرة:143]. فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَـؤُلاء شَهِيداً يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الاْرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً [النساء:42]. فرسولُ الله صلى الله عليه وسلم سيشهدُ على الأممِ وعلى هذه الأمة. والملائكةُ أيضاً يشهدون وكفى باللهِ شهيداً، قال اللهُ عز وجل: وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَـظ°فِظِينَ كِرَاماً كَـاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ [الإنفطار:10-12]. ويقول جل وعلا: إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشّمَالِ قَعِيدٌ مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق:17-18]. فالملائكة أيضا ستشهد. والكتابُ سيشهد. والسجلات ستفتح بين يدي الله فترى الصغيرَ والكبيرَ والنقيرَ والقطميرَ، تنظرُ في صفحةِ اليومِ الثامنُ من هذا الشهر فإذا هي لا تغادرُ صغيرةً ولا كبيرة، وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ ياوَيْلَتَنَا مَا لِهَـذَا الكتابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِرًا وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا [الكهف:49]. وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَـاهُ طَـائِرَهُ فِى عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ القيامة مَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُوراقْرَأْ كَتَـابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا [الإسراء:13-14]. والأرضُ التي ذللها الله عز وجل لنا ستشهدُ بما عمل على ظهرها من خيرِ أو شر: إِذَا زُلْزِلَتِ الاْرْضُ زِلْزَالَهَا وَأَخْرَجَتِ الارْضُ أَثْقَالَهَا وَقَالَ الإِنسَـانُ مَا لَهَا يَوْمَئِذٍ تُحَدّثُ أَخْبَارَهَا بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا [الزلزلت:1-5]. ستحدث بما عمل على ظهرها من خير أو شر، بل إن هذه الأرض تحمل عاطفة، إذا مات المؤمن بكاه موضع سجوده، وبكاه ممشاه إلى الصلاة، وبكاه مصعد عمله إلى السماء. وأما الذين أجرموا وكفروا ونافقوا: فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُالسَّمَاء وَلاْرْضُ وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ [الدخان:29]. والخلقُ أيضا سيشهدون وكفى باللهِ شهيداً: لطالما تفكهُ الإنسانُ بين هؤلاءِ الخلقِ بالوقوعِ في أعراضِ المسلمينَ بذكرِ ما سترَه اللهُ عليه. وما علم أن الخلق سيشهدونَ. في الصحيح أن جنازة مرت على الرسول صلى الله عليه وسلم وهو في نفر من أصحابه فيثني عليها الناس خيراً فيقول صلى الله عليه وسلم: ((وجبت)). وتمر أخرى فيثني عليها الناس سوء فيقول صلى الله عليه وسلم: ((وجبت)). فيتساءل الصحابة؟ فيقول صلى الله عليه وسلم: ((أثنيتم على الأولى بخير فوجبت لها الجنة، وعلى الثانية بسوء فوجبت لها النار، أنتم شهداء الله في أرضه، أنتم شهداء الله في أرضه)). وسيشهدُ ما هو أقربُ من هذا: ستشهدُ الجوارحُ فـأيد تشهد، وأرجل تشهد، وألسن تشهد، وجوارح تشهد: الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ [يس:6. وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاء للَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ حَتَّى إِذَا مَا جَاءوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَـارُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُواْ أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِى أَنطَقَ كُلَّ شَىْء وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ وَلَـكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لاَ يَعْلَمُ كَثِيراً مّمَّا تَعْمَلُونَ وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِى ظَنَنتُم بِرَبّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مّنَ ا لُخَـاسِرِينَ فَإِن يَصْبِرُواْ النَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ وَإِن يَسْتَعْتِبُواْ فَمَا هُم مّنَ الْمُعْتَبِينَ [فصلت:19-24]. فاتقوا الله يا باد واجعلوا هؤلاءِ الشهودِ جميعهم لكم لا عليكم. وبادروا أنفسَكم وأَكم بالأعمالِ الصالحةِ قبل حلولِ الآجالِ وبقاءِ الحسراتِ. أيا من يدعّي الفهم، إلى كم يا أخَ الوهم، تعبي الذنبَ بالذنب، وتخطي الخطأ الجم. أما بان لك العيب، أما أنذرك الشيب، وما في نصحه ريب، ولا تنعُ فقد صم. أما نادى بك الموت، أما أسمعك الصوت، أما تخشى من الفوت، فتحتاطَ وتهتم. فكم تسكرُ في السهو، وتختالُ من الزهو، وتنصبُ إلى اللهو، كأن الموتَ ما عم. وحتى متى جافيك، وإبطاؤك لافيك، طباعُ جمعت فيك، عيوبُ شملُها انظم. أتسعى في هوى النفس، وتختالُ على الأنس، وتنسى ظلمةَ الرمس، ولا تذكرُ ما تم. ستذري الدمَ لا الدمع، إذا عاينتَ ولا دمع، يقي في عرصة الجمع، ولا خالٍ ولا عم. كأني بك تنحط، إلى اللحدِ وتنغط، وقد أسلمك الرهط، إلى أضيق منسم. هناك الجسمُ ممدود، ليستأكَله الدود، إلى أن ينخر العود، ويمسي العظمَ قد رم. فبادرِ أيها الغمر، لما يحلُ به المر، فقد كاد ينتهي العمر، وما أقلعت عن ذم. وزود نفسَك الخير، ودع ما يعقبُ الضير، وهيء مركب السير، وخف لجة اليم. هذا وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
| |
|
3ZbNy 7oBk ..:: عــــضــــو ذهــبـي ::..
||•الجنس•|: : ||•مسآهمآتے•| : 500 ||تـقـييمےُ•|: : 25 تاريخ التسجيل : 06/08/2015
| موضوع: رد: غارت النجوم ونامت العيون 3/6/2016, 9:15 pm | |
| لا جديد سوى رائحة التميز تثور من هنا ومن خلال هذا الطرح الجميل والمتميز ورقي الذائقه في استقطاب ما هو جميل ومتميز تحياتى لك | |
|