قال العلامة ابن القيم رحمه الله :
فيَاخاطبَ الحسْناءِ إنْ كُنْتَ راغِبًا
فهذا زمانُ المَهْرِ فهو المقدَّمُ
وكنْ مُبْغِضًا للخائناتِ لحبِّها
فتحظى بِها مِن دونِهنَّ وتنعمُ
وكنْ أيّمًا مما سواها فإنها
لِمثلكَ في جناتِ عدن تأيّمُ
وصمْ يومَك الأدْنى لعلكَ في غدٍ
تفوزُ بِعِيدِ الفِطْرِ والناسُ صُوَّمُ
وأقدِمْ ولا تقْنَعْ بعَيْشٍ مُنَغَّصٍ
فما فازَ باللذاتِ مَن ليس يقدمُ
وإن ضاقتِ الدنيا عليكَ بأسرِها
ولم يكُ فيها منزلٌ لكَ يُعلَمُ
فحيَّ على جناتِ عدْنٍ فإنَّها
منازلكَ الأولى وفيها المخيَّمُ
ولكننا سَبْيُ العدوِّ فهل ترى
نعودُ إلى أوطانِنا ونسلَّمُ
وقد زعموا أن الغريبَ إذا نأى
وشطَّتْ به أوطانُه فهو مؤلم
وأيُّ اغترابٍ فوق غربَتِنا التي
لها أضحتِ الأعداءُ فينا تَحَكَّمُ
وحيَّ على روضاتِها وخيامِها
وحيَّ على عيشٍ بها ليسَ يُسْأمُ
وحيَّ على السوقِ الذي فيه يلتقِي
الْمُحِبُّون ذاكَ السوق للقومِ يُعلَمُ
فما شئتَ خذْ منه بلا ثمنٍ له
فقد أسلفَ التجار فيه وأسلمُوا
وحيَّ على يومِ المزيدِ الذي به
زيارةُ ربِّ العرشِ فاليوم موسِمُ
وحيّ على وادٍ هنالكَ أفْيَح
وتُرْبَتُهُ مِن أذفرِ المِسكِ أعظَمُ
منابر مِن نورٍ هناك وفضةٍ
ومن خالِصِ العِقْيانِ لا تتفصَّمُ
ومِنْ حوْلِها كثبانُ مِسْكٍ مقاعدٌ
لمِن دونهم هذا العطاءُ المفخَّمُ
يرونَ به الرحمنَ جلَّ جلالُه
كرؤيةِ بدرِ التَّمِّ لا يُتَوَهَّمُ
وكالشمسِ صحْوًا ليس مِن دون أفْقِها
سحابٌ ولا غيمٌ هناكَ يغيّمُ
فبينا همُ في عيشِهِم وسرورِهم
وأرزاقُهُم تجرى عليهِمْ وتُقْسَمُ
إذا همْ بنور ساطعٍ قد بدا لهمْ
سلامٌ عليكم طبْتُم ونَعِمْتُمُ
سلامٌ عليكمْ يَسمعونَ جميعُهُم
بآذانِهم تسليمُهُ إذْ يُسَلِّمُ
يقولُ :سلوني مااشْتَهَيْتُمْ فكلُّ ما
تُريدون عِندي إنني أنا أرْحَمُ
فقالوا جميعًا نحن نسألكَ الرِّضا
فأنتَ الذي تُولي الجميلَ وتَرْحَمُ
فيُعطيهمُ هذا ويُشهِدُ جَمْعَهمْ
عليهِ تعالى اللهُ فاللهُ أكرمُ