موضوع: أهمّية دراسة العقيدة الإسلاميّة . 7/2/2016, 5:26 pm
أهمّية دراسة العقيدة الإسلاميّة .
ولأنّ العقيدة في الإسلام هي محور الحياة السّعيدة ، فإنّني ارتأيتُ أن أجتهد في البحث عن الدّروس المفيدة ، لإخواني وأخواتي ، جمعتها في روابط ، أسأل الله أن تكون خالصةً لله ، متابعة لمنهج نبيّه صلى الله عليه وسلم ، أرفعها أعمالاً سديدة ، يتقبّلها الله منّي يوم لاينفع مالٌ ولابنون إلاّ مَن أتى الله بقلبٍ سليم .
إضغط هنا لرؤية الصورة بحجمها الطبيعي.
عقيدة التّوحيد
للشيخ صالح بن فوزان بن عبدالله الفوزان حفظه الله
الحمد لله رب العالمين أغنانا بحلاله عن حرامه وكفانا بفضله عما سواه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا نعبد إلا إياه وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ومصطفاه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن والاه وسلم تسليما كثير أما بعد
أيها الناس اتقوا الله تعالى واعلموا أن عقيدة التوحيد هي أساس الإسلام وأساس الدين وهي أول ما أمر الله جل وعلا به عباده وبين سبحانه إنما خلقهم لها قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ)، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، وبها أرسل الله الرسل وأنزل بها الكتب قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ)، قال تعالى: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ)، ولذلك كان كل رسول أول ما يخاطب قومه بقوله: (يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ)، فهم يبدؤون دعوتهم بالدعوة إلى التوحيد ولقد سار على نهجهم الدعاة المصلحون من علماء هذه الأمّة فكانوا يدعون الناس إلى التّوحيد ويبيّنونه للناس ويوضحونه ويدرسون الناس هذا التوحيد لأهمّيته وهو أول أركان الإسلام كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وحج البيت إن استطعت إليه سبيلا"،
فجعل الشّهادتين هما الركن الأول من أركان الإسلام وقد بقي النبي صلى الله عليه وسلم في مكة قبل الهجرة ثلاثة عشرة سنة يدعو الناس إلى توحيد الله وإفراده بالعبادة قبل أن تفرض عليه الصلوات الخمس كبقية أركان الإسلام ولما بعث معاذ إلى أهل اليمن قال له: "إنّك تأتي قوم من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله فإن هم أجابوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة فإن هم أجابوك لذلك فأعلم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم"،
هذا ممّا يبيّن لنا أهمية التوحيد وأنه ما لم يتحقق التوحيد فلا فائدة في بقية الأعمال مهما كثرت لأن كل شيء يبنى على غير أساس فإنه ينهار ولذلك اهتمّ العلماء المحققون والدعاة المصلحون بهذه العقيدة دعوة وتعليما وعناية بها قبل غيرها
فأي دعوة لا تبنى على عقيدة التوحيد ولا تهتم بها فهي دعوة فاشلة ودعوة باطلة لأنها على غير أساس وإنما تكون لمقاصد أخرى الله أعلم بها فالواجب الاهتمام بهذه العقيدة وتدريسها وتعليمها للناس في المدارس وفي المساجد وفي المجالس وفي وسائل الإعلام حتى تترسخ وتتبين ويتبيّن للناس شأنها وكيفيتها
ليس المقصود أن الإنسان يعبد ويجتهد في العبادة والعمل دون أن يعرف التوحيد ويخلص العبادة لله عز وجل
وهذه العقيدة لها ستة أركان وستة أصول بيّنها الرسول بقوله صلى الله عليه وسلم: "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشرّه"، وأوّل ما يخل بهذه العقيدة هوالشِّرْك . إما أن يبطلها إن كان شركا أكبر، وإما أن ينقصها إن كان شركا أصغر، فالشِّرْك . الأكبر هو عبادة غير الله بأي نوع من أنواع العبادة من دعاء وذبح ونذرا وخضوع وغير ذلك من أنواع العبادة فكل عبادة لغير الله فهي شِرك وإن كانت للأنبياء أو لملائكة أو للأنبياء أو المرسلين أو للصالحين فهي شِرك بالله عز وجل لا يصلح معها عمل ولا يستقيم معه دين أبدا
فالمشرك لا يقبل له عمل ولو عبد الله الليل والنهار ما دام خلط العبادة بشرك (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ) –يعني بشرك – (أُوْلَئِكَ لَهُمْ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ)، والشرك الأصغر قد يسلم الإنسان من الشرك الأكبر ويبغضه ويبعد عنه
لكن الشِّرْك الأصغر قليل مَن يعرفه ويتحرّز منه قال صلى الله عليه وسلم: " الشِّرْك في هذه الأمة أخفى من دبيب النملة السوداء على صفاة سوداء في ظلمة الليل"، وذلك هو الشِّرْك . الأصغر وأعظمه الرياء والعياذ بالله، الرياء، قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "أخوف ما أخاف عليكم الشِّرْك الأصغر" فسئل عنه فقال: "الرياء"، أن يقوم الإنسان يصلّي ليحسن صلاته لما يرى من نظر رجل إليه، وكذلك مَن يتصدق لأجل أن يمدح ويثنى عليه أو يبني المشاريع الخيرية من أجل أن يخلد ذكره كما يقولون كل هذا لا ينفعه عند الله سبحانه
فإنّ الله لا يقبل من الأعمال إلاّ ما كان خالصا لوجهه الكريم وصواب على سُنّة الرسول صلى الله عليه وسلم
فأعظم ما يخلّ بالتّوحيد هو الشِّرْك . وأعظم ما يخلّ بالعبادة ويبطلها هو البدعة ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: "وإيّاكم ومحدثات الأمور فإنّ كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة"، وقال صلى الله عليه وسلم: "مَن عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد"، "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"، أي مردود عليه لا يقبله الله سبحانه وتعالى
فالله لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصا لوجهه من الشِّرْك . وصوابا على سُنّة رسوله صلى الله عليه وسلم خاليا من البدع والمحدثات،
فاتّقوا الله عباد الله تعلّموا عقيدتكم تعلّموا التوحيد ولو باختصار لأنّ من الناس مَن يزهد في التّوحيد ويقول الناس كلّهم مسلمون ، الناس مسلمون وهذا من جهله أو من زيغه والعياذ بالله،
نعم المسلم يبيّن له التّوحيد ويدرس التّوحيد لأجل أن يصحّح عقيدته ويتجنب ما يبطلها أو ينقصها فاتّقوا الله عباد الله،
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من البيان والذكر الحكيم، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولي جميع المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنهُ هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله على فضله وإحسانه، وأشكرهُ على توفيقهِ وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابهِ وسلم تسليماً كثيرا، أما بعد:
أيُّها الناس، اتقوا الله تعالى، واعلموا أن هناك كثيرين يتسمّون بالإسلام ولكنّهم يحاربون عقيدة التوحيدويحذّرون من التوحيد ويقولون لا تفرّقوا بين الناس يكفي أنه مسلم ينتسب إلى الإسلام والناس أحرار في عقائدهم وفي وفي..، كأننا هَمَل لم يبعث إلينا رسول ولم ينزل علينا كتاب بل كلا على رأيه وكلا على عقيدته وهذا كلام باطل ومع الأسف ينادي به بعض مَن يتسمون بالدعوة ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم،
لا بد من بيان هذا لا بد من معرفة العقيدة الصحيحة لا بد من دراستها ولو بصفة مختصرة وميسّرة فعلى المسلم أن يتقي الله،
كذلك أيها الأخوة والبلاء العظيم ما يبث في وسائل الإتصالات وفي المواقع وفي الانترنت ما يبث من الدعايات الباطلة والنيل من عقيدة التوحيد ومن أهل التوحيد وإلقاء الشبهات على الناس والخرافات ، فاتّقوا الله واحذروا من هذه الوسائل وجنّبوها بيوتكم وابعدوها عن ذراريكم وعن أهل بيوتكم ابعدوا هذه الوسائل عنهم التي تنشر الشر والشرك والبدع والمحدثات وتزهد في التوحيد وفي السُنّة وتصف المتمسّكين بالسُنّة والمحقّقين بالتّوحيد بأنّهم تكفيريون وأنهم متشدّدون إلى آخر ما يقولون
فاحذروا من هؤلاء يا عباد الله أقبلوا على عقيدتكم دراسة وتعلما وتعليما وعملا بها،
الذهاب إلى السحرة يخل بالعقيدة أو يبطلها كما قال صلى الله عليه وسلم: "مَن أتى كاهنا وصدّقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم"،
ومَن أتى كاهنا فقد أشرك فلا يجوز الذهاب إلى المشعوذين والخرافيين والذين يتسمون بالرقية الشرعية كما يقولون وهم كذبة دجالون متأكلون لا يعرفون الرقية الشرعية وإنما يلبسون على الناس والناس بصفة أنّهم مرضى يحتاجون للعلاج فيذهبون إليهم دون أن يعرفوا عقيدتهم ودون أن يعرفوا ما يعالجون به
فاتقوا الله يا عباد الله يلجأون من المرض الدنيوي إلى المرض في العقيدة لأنّ الشعوذة والشِّرْك مرض في العقيدة فهم يعالجون أجسامهم بزعمهم ولا يعالجون عقيدتهم
فاتقوا الله عباد الله حافظوا على عقيدتكم فإنّها رأس مالكم إنّها أساس دينكم فألزموها وتعلّموها واحذروا ممّا يدعو ضدها أو يزهد فيها ويرخصها على الناس.
واعلموا أنَّ خير الحديث كتاب الله، وخير الهديَّ هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور مُحدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وعليكم بالجماعة، فإنَّ يد الله على الجماعة، ومن شذَّ شذَّ في النار.
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك نبيَّنا محمد، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائِه الراشدين، الأئمةِ المهديين، أبي بكرَ، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن الصحابةِ أجمعين، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين.
اللَّهُمَّ أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدّين، واجعل هذا البلد آمناً مستقرا وسائر بلاد المسلمين عامةً يا ربَّ العالمين، اللَّهُمَّ كفّ عنا عدوان المعتدين وظلم الظالمين وجور الجائرين، اللَّهُمَّ كفّ عنا بأس الذين كفروا فأنت أشد بأسا وأشد تنكيلا،
اللَّهُمَّ من أرد الإسلام والمسلمين بسوء أو أذى فأشغله في نفسه واصرف عنا كيده، واجعل تدميره في تدبيره، وأدر عليه دائرة السوء وأنزل به بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين،
اللَّهُمَّ أصلح ولاة أمورنا واجعلهم هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلّين، اللَّهُمَّ أصلح بطانتهم وارزقهم الجلساء الصالحين الناصحين، اللَّهُمَّ أنصر بهم دينك واحفظ بهم أمننا وإيماننا واستقرارنا في أوطاننا ولا تسلّط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا،