السؤال:
هل يجوز تسمية الحشرة المعروفة باسم (الناموس) بذلك الاسم ؟ فهل يجوز ذلك ، مع أنه قد ورد في صحيح البخاري : ( هذا الناموس الذي نزل الله على موسى ) ، وقد قرأت أن المقصود بالناموس في الحديث الذي في صحيح البخاري ، هو جبريل. فهل يعد تسمية الحشرة المعروفة باسم الناموس بذلك الاسم محرما ؟
الجواب :
الحمد لله
مما تتسم به لغتنا العربية : اتساع ألفاظها لكثير من المعاني ، فتجد للكلمة الواحدة أكثر من معنى ، فيكون معنى الكلمة بحسب ورودها في الجملة التي سيقت فيها ، فيتنوع المعنى والكلمة واحدة ، وهذا ما يسمى بالاشتراك اللفظي ، فالمشترك اللفظي هو: اللفظ الواحد الدال على معنين مختلفين فأكثر، دلالة على السواء عند أهل تلك اللغة . انظر " تاج العروس" (1/25).
فمن ذلك : لفظ " العين" ، يطلق على : عين المال ، والعين التي يبصر بها، وعين الماء، وعين الشيء إذا أردت حقيقته .
ومن ذلك الباب : كلمة : " الناموس " فلها عدة معان ، فتأتي بمعنى المكر ، وبمعنى وعاء العلم ، وبمعنى صاحب السر ، وبمعنى النمام ، وبمعنى بيت الراهب ، وغير ذلك من المعاني .
قال الزبيدي رحمه الله في " تاج العروس" (16/ 580-581):
" النَّامُوسُ: صَاحب السِّرِّ، أَي سِرِّ المَلك ، وأَهْلُ الكِتابِ يُسَمُّون جِبْرِيلَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : النّامُوسَ الأَكْبَرَ، هُوَ المُرَادُ فِي حَدِيثِ المَبْعَثِ ، فِي قولِ وَرَقَةَ ، لأَنَّ اللهَ تَعَالَى خَصَّه بالوَحْيِ والغَيْبِ الَّذي لَا يَطَّلِع عليهِمَا غيرُه ، والنّامُوسُ: الحَاذِقُ الفَطِنُ ، والنّامُوسُ: مَنْ يَلْطُفُ مَدْخَلُه، فِي الأُمُورِ بِلُطْفِ إحْتِيَالٍ ، والنَّامُوسُ: الشَّرَكُ ، لأَنّه يُوَارَى تَحْتَ الأَرْضِ ، والنّامُوسُ: النَّمَّامُ، كالنِّمَّاسِ ، وَقد نَمَسَ ، إِذا نَمَّ . والنَّامُوسُ: عِرِّيسَةُ الأَسَدِ ، شُبِّه بمَكْمَنِ الصّائِدِ ، والنِّمْسُ: دُوَيْبَّةٌ عَرِيضَةٌ كَأَنَّهَا قِطْعَةُ قَدِيدٍ ، تكون بِمِصْرَ ونَوَاحِيها، وَهِي من أَخْبَث السِّبَاعِ .
والنّامُوسُ : المَكْرُ والخِداعُ ، يُقَال: فُلانٌ صاحبُ نامُوسٍ ونَوَامِيسَ وَمِنْه نَوامِيسُ الحُكَمَاءِ ، والنّامُوسُ: بَيْتُ الرّاهِبِ. والنَّامُوسُ: وَعَاءُ العِلْمِ. والنّامُوسُ: السِّرُّ " انتهى .
وينظر : " لسان العرب" (6/ 243) .
وقد ثبت إطلاق " الناموس" على ملك الوحي – جبريل – عليه السلام ، في قول ورقة بن نوفل رضي الله عنه ، في قصة بدء الوحي : " هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي نَزَّلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" رواه البخاري (3) ، ومسلم (160) .
فالمقصود به هنا : جبريل عليه السلام ، قال النووي رحمه الله :
" اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُسَمَّى النَّامُوسَ ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ الْمُرَادُ هُنَا، قَالَ الْهَرَوِيُّ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَصَّهُ بِالْغَيْبِ وَالْوَحْيِ " انتهى .
وكذلك : حشرة البعوض ، تسمى أيضا بـ"الناموس" ، وهي تسمية قديمة ، ليست محدثة ولا دارجة .
قال النويري رحمه الله في " نهاية الأرب " (10/ 301) :
" البعوض صنفان: صنف يشبه القراد ، لكن أرجله خفيّة ورطوبته ظاهرة ، يسمّى بالعراق والشأم : الجرجس والفسافس، وبمصر: البقّ ، ويشمّ رائحة الإنسان ويتعلّق به ، وله لسع شديد ، ولدمه إذا قتل رائحة كريهة ، وهذا الصنف ليس من الطير. والصنف الثانى: طائر ويسمّيه أهل العراق: البقّ والبعوض، ويسمّيه أهل مصر: الناموس " انتهى ، وينظر : "حياة الحيوان الكبرى" (1/ 468) .
وجاء في "المعجم الوسيط" (1/ 63):
" (البعوض) جنس حشرات مضرَّة من ذَوَات الجناحين ، وَهُوَ (الناموس) " انتهى .
والحاصل : أنه لا حرج في إطلاق اسم الناموس على حشرة البعوض ، وأنه هذا من قبيل المشترك اللفظي .
والله تعالى أعلم .
والحاصل : أنه لا حرج في إطلاق اسم الناموس على حشرة البعوض ، وأنه هذا من قبيل المشترك اللفظي .
موقع الإسلام سؤال وجواب