المداراة والمداهنة
المدَاراة والمداهنة
قال ابن بطال:
(المدَاراة: خفض الجناح للناس، ولين الكلام
وترك الإغلاظ لهم في القول ،
وهي مندوبة)
وقال ابن حجر:
(المراد به الدفع برفق)
وقال المناوي:
(المدَاراة: الملاينة والملاطفة.
وعموما المداراة هي الرفق بالجاهل في التعليم
وبالفاسق في النهي عن فعله وترك الإغلاظ
عليه حيث لا يظهر ما هو فيه والإنكار عليه
بلطف القول والفعل ولا سيما إذا احتيج
إلى تألفه ونحو ذلك) .
المداهنة :
من الدهان وهو الذي يظهر علي الشيء
ويستر باطنه ، وفسرها العلماء بأنها معاشرة
الفاسق وإظهار الرضا بما هو فيه من غير
إنكار عليه وهي محرمة .
وقال القرطبي في الفرق بينهما:
(أن المداراة بذل الدنيا لصلاح الدنيا أو الدين
أو هما معا وهي مباحة وربما استحبت
والمداهنة ترك الدين لصلاح الدنيا)
وقد تكون المداهنة في أمر مُحرّم ، بل قد
يكون في الكفر – عياذاً بالله -
ولذا قال عز وجل :
( وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ )
قال ابن عباس فيها :
ودوا لو تكفر فيكفرون ..
قال ابن زيد في قوله تعالى :
( وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ )
قال : الركون الإدهان
والكريم يُجامل ويُداري ويُصانِع
واللئيم يُداهن ويُنافق .
ومن أمثلة المداراة
وقال سبحانه:
( اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُولا لَهُ
قَوْلاً لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ).
قال ابن كثير:
(هذه الآية فيها عبرة عظيمة، وهو أن فرعون
في غاية العتو والاستكبار، وموسى صفوة الله
من خلقه إذ ذاك، ومع هذا أمر ألا يخاطب
فرعون إلا بالملاطفة واللين)
ندب المداراة إذا ترتب عليها دفع ضر
أو جلب نفع بخلاف المداهنة فحرام مطلقا
إذ هي بذل الدين لصلاح الدنيا والمداراة
بذل الدنيا لصلاح دين أو دنيا بنحو
رفق بجاهل في تعليم وبفاسق في نهي
عن منكر وتركه إغلاظ وتألف ونحوها
مطلوبة محبوبة إن ترتب عليها نفع فإن لم يترتب عليها نفع بأن لم يتق شره بها كما هو
معروف في بعض الأنام فلا تشرع)
وعن جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما-
أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم:
((مداراة الناس صدقة))
وقال صلى الله عليه وسلم:
((استوصوا بالنساء خيرا، فإنهن خلقن
من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه،
فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل
أعوج، فاستوصوا بالنساء خيرا))
قال ابن حجر: (وفي الحديث الندب إلى
المداراة لاستمالة النفوس وتألف القلوب