انتهى الموسم الدرامي الجزائري لهذا العام، مع انتهاء شهر رمضان، تاركاً خلفه موجة من الغضب العارم والاستياء الشديد إزاء الأعمال التي تم تقديمها، والتي لم تكن تقترب حتى من المستوى المطلوب الذي كان الجزائريون يأملون أن تكون عليه.
مما فتح باباً واسعاً أمام التساؤلات والانتقادات التي اتهمت معظم الأعمال بالارتجال وعدم احترام عقل المشاهد، وبالإساءة إلى الفن الجزائري من خلال مجموعة من السيناريوهات التي تعاني من فقر في الأحداث وضعف في الحوار.
فقد كلّف مسلسل "السلطان عاشور العاشر" ميزانية أسطورية في تاريخ الإنتاج الجزائري، بعد أن بلغت تكلفته 2 مليون دولار، من أجل صناعة الديكورات الفخمة والأزياء الملكية، وقد استطاع أن يكون الأكثر مشاهدة بين جميع الأعمال التي تم عرضها، لكن ملح الكوميديا الذي زاد عن حده أغرق الطبخة كلّها وكان محل امتعاض نقدي.
وحول هذا العمل يقول سعيد (43 عاماً) لـ "العربي الجديد": "تابعت السلطان عاشور العاشر وكنت متشوقاً جداً لما سيكون عليه هذا العمل، لأول مرة شعرت أن الجزائر تحاول أن تنافس الدول الأخرى من خلال مسلسل ضخم، وقد شدني في البداية بشكل كبير، لكنه ما لبث أن سقط في حالة من الفوضى والارتجال وتشابه الأحداث والأداء، أنا شخصياً أحب الممثل صالح أوقروت، لكنني آمل أن يتوقف عن محاولة إضحاكنا رغماً عنّا وأن يغير قليلاً أدواره الفكاهية، فمن المهم أن يتنوع أداء الممثل بين حين وحين حتى لا يمل منه المشاهدون".
من جهة أخرى، طاولت انتقادات واسعة مسلسل "شتاء بارد" بسبب محتواه الجريء ووجود ثغرات في الحوارات والشخصيات، واعتبره بعض المشاهدين مسيئاً للعائلة الجزائرية وللقيم الاجتماعية بعد ظهور إشارات إباحية فيه.
وغير بعيد عن "شتاء بارد"، نالت باقي الأعمال، وبشكل خاص مسلسل "وليد ماما"، قسطاً وافراً من النقد بسبب رداءة المحتوى. فالعمل كان محط سخرية كبيرة من الجزائريين الذين عزفوا عن مشاهدته. ومشكلة العمل طاولت كل مكوناته حيث أجمع النقاد على أنه رداءة في القصة وصولاً إلى أداء الممثلين، وبدا مجرّد محاولة إبراز شخصيات ذات سلوكيات مهزوزة بطريقة عشوائية، تدق ناقوس الخطر بسبب تدهور وضع الدراما الجزائرية بهذا الشاكل الفاضح هذا العام.
ويبقى المشاهد الجزائري هذا العام، وككل عام، مصدوماً من محتوى الأعمال المحلية، التي تواصل انحدارها الفني، أمام جشع أغلب المنتجين الذين يتهافتون على سد الفراغات في القنوات التلفزيونية بأبشع الطرق وأسوأ المنتجات، مستخدمين مجموعة من الممثلين المكررين أو المواهب التجارية التي لا تكلفهم الكثير، في حين يتم إقصاء عدد كبير من الموهوبين الحقيقيين الذين يرفضون أداء أعمال رديئة حد الصدمة، ويحلمون بأعمال جزائرية ذات صيت عربي وعالمي.
أعمال تكتب كما يجب وتنفذ كما يجب بعيداً عن الخط الفكاهي الذي أصبح مبتذلاً جداً، وقريبة مما يقدّم في باقي الدول العربية التي شهدتها فيها الدراما قفزة مشجّعة إن كان في روسية أو لبنان أو الخليج، وصولاً طبعاً إلى مصر.